
منذ
أن أقرت الحركة الصهيونية العالمية أن تكون أرض فلسطين العربية هي مقر
إنشاء كيانها المسخ (دولة إسرائيل)، ولأن الدولة حتى تصبح دولة لابد أن
تتوفر فيها أهم 3 عناصر: الأرض، والحكومة، والشعب، فليس أمام الحركة
الصهيونية العالمية من عنصر جاهز وسهل إقامته، إلا الحكومة، كون الحكومة
كياناً هيكلياً معنوياً ليس من الصعوبة إعلانه.
أما
الأرض فهي عقدة الحركة الصهيونية حتى تتملكها وحتى تصبغها بالنكهة
والمعالم والمميزات التي تتناغم مع مشروع الدولة التي تحلم بها، فوجدت
نفسها أمام أرض لها مُلاك يمتلكون من العراقة والأصالة ما جعل الشجر والحجر
في هذه الأرض وكل أثر وعمران قد أصبح مصبوغاً ومتناغماً مع لغة وشكل ولون
بشرها. إن الجبل والتلة والشجرة والطرقات والترع وكل أثر من المباني قديمه
وحديثه، ينطق بعروبة الفلسطيني، هذا عن الأرض التي تشكل أساس أية دولة،
والتي واجهت العصابات الصهيونية وما زالت تواجه مشكلة أنها فلسطينية.
وأما
الشعب فإن كل الشعب الفلسطيني بمسلميه ومسيحييه، ومن ينتمون إلى اليهودية
من العرب منهم، وبمختلف أعراقهم في هذه الأرض، شكلوا للعصابات الصهيونية
صخرةً صماء، فبرغم المجازر التي قادتها هذه العصابات لترهب الشعب
الفلسطيني، وهجَّرت من هجَّرت من قُراهم بعد مجزرة (دير ياسين) ومثيلاتها،
واستمرار القسر والتفوق في القوة التي مارستها العصابات الصهيونية، فنزح
الكثير من أبناء الشعب الفلسطيني، وهجر الكثير الى الداخل الفلسطيني
والخارج، ومنذ 1948 مستمرة حالات التهجير، ومع هذا فكل الإحصائيات والأرقام
تؤكد زيادة معدلات النمو في السكان العرب بكل مناطق فلسطين العربية
المحتلة.
وبرغم ما يقابل هذا من
استجلاب يهود العالم من مختلف الجنسيات وغير اليهود، لتقوم هذه العصابات
بإحلالهم كبديل لمن هُجِّر من أبناء الشعب الفلسطيني من ديارهم، فقد عمدت
حكومة هذا الكيان الصهيوني المسخ إلى إزالة كل معالم الأرض والأثر، وبناء
مستوطنات نموذجية البناء بالتخطيط الحضري والخدمات كمدن وأحياء تعتبر قطعاً
من مدن أوروبا الحديثة، ولكنها تُبنى في أملاك الفلسطينيين من أراضٍ
زراعية إلى أصول عقارية، ولأكثر من غرض، وهدف منها إزالة كل المعالم في
الأرض تؤكد فلسطينيتها وعروبتها، إلى قهر مُلاكها الأصليّين إلى إنشاء
مظاهر التمييز العُنصري بمزيد من إحباط السكان الأصليّين الأصلاء في هذه
الأرض..
إن السياسة الاستطيانية
التي تتبعها الحكومة الصهيونية هي عملية مُمنهجة ومبرمجة وممولة بكلفة
عالية، وبمساعدة ودعم أمريكا ودول الغرب، لغرض إغراء كل يهود العالم
للتوافد إلى فلسطين المحتلة، وحتى تنجح السياسة الاستيطانية بمهمة مزدوجة،
بتغيير ديموغرافية السكان في الأرض العربية وجغرافيتها بمعالمها وأثرها
العربي الإسلامي، وحتى تتمكن هذه الحكومة ومن تقف وراءها من قوى الهيمنة
العالمية بقيادة أمريكا، بتوفير عنصري الدولة المفقودين، وهما الشعب
والأرض.. إن سياسة الاستيطان تقتل الشعب الفلسطيني يومياً، وللأسف أن كل
الدول العربية التي أصبحت ضمن أدوات أمريكا في الوطن العربي والمنطقة، بما
فيها الدول المحورية الإسلامية، تساهم بشكل مباشر وغير مباشر في دعم
السياسة الاستطيانية لقتل الشعب الفلسطيني وقهره واستمرار حصاره وعزله،
وبالذات بعد إقامة الحواجز العنصرية التي أقامتها سلطات الاحتلال لتُنجز
السياسة الاستيطانية بغرض التطهير العرقي للشعب الفلسطيني من أرضه.
هذه
هي السياسة المنتهجة التي طالما رُفعت على مستوى الرأي العام العالمي
وأمام مجلس الأمن الدولي، لتقف أمريكا بكل وقاحة ضد أي مشروع يُدينها أو
يؤدي إلى وقفها، بل وللأسف والمواقف العربية، ومنها الموقف المصري الأخير
الذي تعامل مع قضية الاستيطان في مجلس الأمن كما لو أنها قضية جزئية تطرح
على طاولة المفاوضات والمساومات، وترحل قضية إيقاف الاستيطيان في الأراضي
الفلسطينية الى أجل غير مسمى، بعد أن يتم تحريك المياه الآسنة بمغزى رمزي
فقط أمام المجتمع الدولي.
الاستيطان
في أرض فلسطين المحتلة يا عرب، سيمكن هذه الدولة المسخ، وأنتم مشغولون
بالصراعات البينية، إلى أن تكون هي الدولة القوية التي تقودكم بصغيركم
وكبيركم، تقود من يأمل أن تكون قبلته إسطنبول أو طهران أو الرياض، القاهرة
أو بغداد أو دمشق، ستجدون يوماً من الأيام أنكم فقدتم البوصلة، ونخشى أن
تتوحدوا جميعكم أمام قبلة واحدة، حيث مقر حكومة العدو الصهيوني..
http://www.laamedia.com/articalview.aspx?art=543