من تجربتي الوظيفية لم أجد من زميل أو مسؤل صغير أو مسؤل أكبر منه إلا وهم يحملون فكرة الملكية الخاصة للموظفة والسيطرة عليها لتكون مدُلله لهم أو الخاضعة ليتباهوا بقوة جاذبيتهم وسيطرتهم عليها , نسخة مجددة من مسلسل حريم السلطان الذي اكتسح الشاشات العربية والعالمية في السنوات الثلاث الأخيرة ولازال عرضه جاريا معادا ومكررا حتى لم تنعكس اثاره مثله مثل الترويج السلعي للمنتجات وصيحات الموضة فحسب لتلك الحقبة ولكن امتد اثره ليرسخ في المخيال الجماعي العام على علاقة الرجل بالمرأة التي تتأسس على التبعية و الإخضاع وليس الندية والمساواة أو مبدأ تكافؤ الفرص ,من هذا المدخل سأتطرق الى الأثر الذي انعش الهيمنة الذكورية لدى ارباب العمل في التعامل مع موظفاتهم وألهب مخيلتهم ليفرضوا على موظفاتهم التعامل معهم كجارية وجارية مفضله لها امتيازاتها التي تمنح حسب الهواء والمزاج وكأن لا لوجود للقانون ولا للأنظمة الوظيفية وتسقط امام هذه الظاهرة المعايير والقيم الوظيفية الموضوعية , وليس بالجديد تلك الجدليات التي تحاول الإطاحة بالمرأة الموظفة والعاملة لتلقنها درسا من المجتمع الذكوري الشرقي كضريبة خروج ومشاركة هذا المجتمع الذي لازال غير مستوعبا مائة بالمائة مع حق المرأة في العمل ومشاركتها للرجل ,إلا ان ضرورة الحال ألزمت العنصر الذكوري على تقبل هذه المشاركة لما لها من جوانب ايجابية تدعم المصلحة الشخصية من وجهة نظرهم قبل المصلحة العامة .
ورغم تجاوز المرأة لهذه التحديات وتبؤها لمواقع قيادية ادارية إلا ان الصراع الأزلي لازال قائم بينها وبين أعداء نجاحها والذي للأسف قد تصنف المرأة من ضمنهم , قد تستجيب بعض النساء لهذا النظرة المتحيزة في تكريس المركزية الذكورية بعقلية مالك الوظيفة العامة كسلطان وحوله ادواته القذرة (المجتمع السلطاني) الذي يبحث عن تجليل الناس لهم وأياديه قذره وهذا امر لا يستقيم مع الواقع . فما بالنا بالمرأة التي تعزز هذا السلوك من خلال خضوعها وخنوعها ومهادنتها لزميلها أو مديرها في العمل بحجة أو أخرى لتجنب نفسها آذيتهم على سبيل المثال أو بقصد العبور , غير مدركة خطر هذا الاستسلام الذي يساهم في تجذير هذه النظرة الدونية للمرأة بشكل عام ويرسخ الهيمنة الذكورية في اللاشعور الجماعي وفي هذا الحالة اسمي الظاهرة بالتواطؤ النسائي لتسليع المرأة في بورصة الذكر .
لقد حاصرتنا هذه الذهنية التي تحاول أن تغييب شخصنا وكينونتا لتوأد انجازات المرأة في كل مرحلة من الزمن كي يبقى المجتمع راكدا في جهله مستعبدا للمرأة في الصورة النمطية التي أعتاد عليها وامام هذه الضغوطات التي يمارسها أرباب هذه الذهنيات لتغذية احساسنا بالنقص لنتقبل وضعية القهر والمهانة أو بين خيار ممارسة حقوقنا تحت ستار المنفعة والمقايضة امام كل هذا سأختم مقالي بنصيحة لبنات جنسي بأن يقتلن شهرزاد القابعة في لاوعيهن وأن يغلقن باب التنازلات وينتصرن ويراهنين على حقهن المشروع في الشراكة واستحقاقهن الوظيفي بكل مراتبه بجدارة وبكفائتهن وفق الشروط والمعايير الوظيفية العامة ..
وكما علقت عبارة الكاتبة اللبنانية جمانة حداد في ذهني سأعززها وأقول
قتلتُ شهرزاد بيد كل انتصار كنت شاهدة عليه ,وكل هزيمة تعلمت منها ...
قتلتُ شهرزاد بيد كل صرخة لم أجرؤ على الجهر بها وبكل كلمة (( لا ))
لم أقولها بعد ..
__________________________
رابط العدد (مجلة العربي الأمريكي اليوم )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق