نلتهم الأحداث والوقائع كما تصل إلينا بنهم إشباع الفضول الذي يحركه جوع الفرد والمجتمع للأكشن الذي يضفي متعة للحياة اليومية الرتيبة ويكسر تكرارها بتفاصيل عدة منها ما يكون مثالا يقتدى به للعظة والعبرة ومنها ما يكون مجرد حكاية لإهدار الوقت واستهلاكه ومنها ما هو ركن أساسي في تاريخا ما او حضارة ..
ولكن ما لم ندركه أحيانا هو أن بعض الحكايات تأتينا بعد عمليات تجميلية يتم إلغاء أجزاء فيها أو تضخيم تفاصيل أخرى , ولأن التاريخ يكتبه دوما المنتصرون فحتما سيكتبونه بما يرونه مناسبا في تجميلهم ..وسيتغاضون عن بعض المواقف الأنهزامية أو ربما يزيفون أدوارهم فيها , و بسنة الناقل والمنقول اليه ستتوارث الاجيال تلك القصص والحكايا وهي مشوهه أما بالحذف والأجتزاء او بالأضافة والتضخيم ..وهنا سأقف امام شخصية ريا وسكينة تلك السفاحتان اللاتي عرفتا في مصر وذيع صيتهما لسوءة فعلهما ..
لطالما كان هذا الأسم الثنائي ملازما بوصفه لكل إسقاط على ملامح أي اجرام نسوي ثنائي , حتى صار من باب التندر والفكاهة يسقط على كل ثنائي مريب من النسوة ولن ننسى دور الأعلام والسينما في تصوير هذه الشخصيتين في هذا القالب الأجرامي , ولكن بعد 94 عام يأتينا التاريخ بظروف أخرى ليكشف زور تدوينه لحقيقة هاتان الأختان الدمويتان اللاتي تم أعدامهن على صدد قتلهن 14 أمراة مصرية إلا ان باحثا مهتما ومأسورا بهذه القضية كان قد نقب في التحقيقات وسجلاتهم حتى أثبت إنهن مناضلتان، تم أتهامهن ظلم في هذه القضية، على اعتبار أنهن من الوطنيين الشرفاء الذين كانوا يناضلون ضد الاستعمار الإنجليزي آنذاك..وأن من تم قتلهم لم يكن نسوة مصريات وأنما جنود انجليز ..ولازال الجدل قائما حول برائتهما في هذه القضية ..ولكن التاريخ لا يهتم بالتفاصيل بعد الكتابة بالبوند العريض ..
وفي حالة أخرى من الأساطير المشهورة التي تعلقت بتاريخنا اليمني حضارته وحضرت في الكتب المقدسة والقرآن هي الملكة بلقيس و هدهد النبي سليمان ,ففي مقالة تحت عنوان بلقيس الملكة المخدوعة والساذجة تطرق الكاتب فيها الى حكاية شعبية عن زوجة الملك النبي سليمان التي طلبت منه قصر من زلاقيم (مناقير) العصافير فجمع الطيور كلها واخبرها بما يريد فدانت له ولكنه لم يجد الهدهد بينها فأنتظره وحين وصل متأخرا خاطبت البومة النبي بأن يقطع زلقومها لتنتهي وتذهب فقطع منقارها حينها خاطبه الهدهد بدهاء وحكمة سائلا إياه إن رأى التراب أكثر من الحجار والنساء أكثر من الرجال وحين طلب النبي توضيحا فأجابه مادق من الحجار أصبح تراب ومن صدق النساء كان من عديدها , فاندهش الملك من حكمة الهدهد و اطلق الطيور اما البومة الغبية خسرت منقارها ولم تنتظر حتى يتكلم الهدهد ,والشاهد هنا من هذه الحكاية ان حكاية البومة لم تذكر بلقيس هنا وفي حكايات وكتب اخرى تركزت على بلقيس والهدهد وسليمان ..وبعيدا عن مرام الكاتب في المقال إلا ان حقيقة فقدان العنصر الوعظي في الحكاية هو للحفاظ على العنصر الأستعراضي فيها
والنماذج كثيرة لا يتسع لها الباب لسردها ولكن إلا يدعونا ذلك الى تمحيص الحقائق في تاريخ الكتابة وبمنهجية علمية ؟وكيف لنا أن نستطيع التمييز بين ما هو مبالغ فيه أو مجتزأ أو حتى تلمس الفجوات في الحكايات فكم من الحكايات تسرد انتصارات واهمة تزيف تاريخها للأجيال جيل تلو الأخر ...تماما كأنتصار الأمريكان على صدام في العراق حيث أن الشعب العراقي دفع دمه وامواله ومستقبله أضعاف قيمة هذا الأنتصار ..
فهل يحتاج تاريخنا إلى إعادة كتابة ؟
رابط العدد
http://
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق